مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والغفلة، والنِّفاق. وهي (1) نوعان: كفرٌ، ومعصيةٌ. فالكفر: كالشّكِّ، والنِّفاق، والشِّرك، وتوابعها. والمعصية نوعان: كبائر، وصغائر.
فالكبائر: كالرِّياء، والعجب، والكبر، والفخر، والخيلاء، والقنوط من رحمة الله تعالى، واليأس من رَوح الله، والأمن من مكر الله، والفرح والسُّرور بأذى المسلمين، والشّماتة بمصيبتهم، ومحبَّته (2) أن تشيع الفاحشة فيهم، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله، وتمنِّي زوال ذلك عنهم، وتوابع هذه الأمور التي هي أشدُّ تحريمًا من الزِّنى، وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر الظّاهرة، ولا صلاح للقلب ولا للجسد إلّا باجتنابها والتّوبة منها، وإلّا فهو قلبٌ فاسدٌ، وإذا فسد القلب فسد البدن.
وهذه الآفات إنّما تنشأ من الجهل بعبوديّة القلب، وترك القيام بها. فوظيفة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على القلب قبل الجوارح، فإذا جَهِلَها وترَكَ القيامَ بها امتلأ بأضدادها ولا بدّ. وبحسب قيامه بها يتخلَّص من أضدادها.
وهذه الأمور ونحوها (3) قد تكون صغائر في حقِّه، وقد تكون كبائر، بحسب قوّتها وغلظها، وخفّتها ورقّتها (4).
ومن الصّغائر أيضًا: شهوة المحرّمات وتمنِّيها. وتفاوتُ درجات الشّهوة في الكبر والصِّغر بحسبِ تفاوتِ درجات المشتهى. فشهوة الكفر