
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والإنابة، والخوف، والرّجاء، والتّصديق الجازم، والنِّيّة للعبادة، وهذه قدرٌ زائدٌ على الإخلاص، فإنّ الإخلاص هو إفراد المعبود عن غيره. ونيّة العبادة لها مرتبتان: إحداهما: تمييز العبادة عن العادة. والثّانية: تمييز مراتب العبادات بعضها عن بعضٍ. والأقسامُ الثّلاثةُ واجبةٌ.
وكذلك الصِّدقُ. والفرقُ بينه وبين الإخلاص: أنّ للعبد مطلوبًا وطلبًا، فالإخلاصُ توحيد مطلوبه، والصِّدقُ توحيد طلبه. فالإخلاص: أن لا يكون المطلوبُ منقسمًا، والصِّدق: أن لا يكون الطَّلبُ منقسمًا. فالصِّدقُ بذل الجهد، والإخلاصُ إفراد المطلوب.
واتّفقت الأمّة على وجوب هذه الأعمال على القلب من حيث الجملة.
وكذلك النُّصح في العبوديّة، ومدارُ الدِّين عليه. وهو بذل الجهد في إيقاع العبوديّة على الوجهِ المحبوبِ للرَّبِّ المرضيِّ له. وأصل هذا واجبٌ، وكمالُه مرتبةُ المقرَّبين.
وكذلك كلُّ واحدٍ من هذه الواجبات القلبيّة، لها (1) طرفان: واجبٌ مستحَقٌّ وهو مرتبة أصحاب اليمين، وكمالٌ مستحبٌّ وهو مرتبة المقرَّبين.
وكذلك الصّبرُ واجبٌ باتِّفاق الأمّة. قال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: الصَّبرُ (2) في تسعين موضعًا من القرآن، أو بضعًا وتسعين (3). وله طرفان