مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10213 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

الموضع الثامن: من ذكر المنعَم عليهم، وتمييزهم عن طائفتي الغضب والضّلال. فانقسم النّاس بحسب معرفة الحقِّ والعمل به إلى هذه الأقسام الثّلاثة، لأنّ العبد إمّا أن يكون عالمًا بالحقِّ، أو جاهلًا به؛ والعالمُ بالحقِّ إمّا عاملٌ بموجبه أو مخالفٌ (1) له. فهذه أقسام المكلَّفين لا يخرجون عنها البتّة. فالعالِمُ بالحقِّ العاملُ به هو المنعَم عليه. وهو الذي زكَّى نفسه بالعلم النّافع والعمل الصّالح، وهو المفلح {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]. والعالِمُ به المتَّبِع هواه هو المغضوب عليه. والجاهل بالحقِّ هو الضّالُّ.

والمغضوب عليه ضالٌّ عن هداية العمل، والضَّالُّ مغضوبٌ عليه لضلاله عن العلم الموجِب للعمل؛ فكلٌّ منهما ضالٌّ مغضوبٌ عليه، ولكنَّ تاركَ العمل بالحقِّ بعد معرفته به أولى بوصف الغضب وأحقُّ به. ومن هاهنا كان اليهود أحقَّ به، وهو متغلِّظٌ في حقِّهم، كقوله تعالى في حقِّهم: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة: 90]، وقال تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} (2) [المائدة: 60].

والجاهلُ بالحقِّ أحقُّ باسم الضّلال. ومن هاهنا وُصِفت النّصارى به في قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)} [المائدة: 77].

الصفحة

16/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !