
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عباده، وجاءت به الرُّسل، ونزلت به الكتب. وهو أنّ الأعمال أسبابٌ مُوصِلةٌ إلى الثّواب والعقاب، مقتضياتٌ لهما كاقتضاء سائر الأسباب لمسبَّباتها؛ وأنّ الأعمال الصّالحة من توفيق الله وفضلِه ومنِّه وصدقتِه على عبده، إن أعانه عليها، ووفَّقه لها، وخلق فيه إرادتها والقدرة عليها، وحبَّبها إليه، وزيَّنها في قلبه وكرَّه إليه أضدادها. ومع هذا، فليست بثمنٍ لجزائه وثوابه، ولا هي على قدره، بل غايتُها ــ إذا بذل العبدُ فيها نصحَه وجهدَه، وأوقعها على أكمل الوجوه ــ أن تقع شكرًا له على بعض نعمه عليه، فلو طالبه بحقِّه لبقيت عليه من الشُّكر (1) بقيّةٌ لم يقُم بها. فلذلك لو عذَّب أهلَ سماواته وأهلَ أرضه لعذَّبهم وهو غيرُ ظالمٍ لهم، ولو رحِمَهم لكانت رحمتُه لهم خيرًا من أعمالهم، كما ثبت ذلك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (2).
ولهذا نفى النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دخول الجنّة بالعمل، كما قال: "لن يُدخِلَ أحدًا منكم الجنّةَ عملُه" (3). وفي لفظٍ: "لن يَدخُل أحدٌ منكم الجنّةَ بعمله" (4). وفي