{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
اختصار الكتاب وترجمته أولاً: اختصاره عني غير واحد من العلماء باختصار الكتاب وتلخيصه ومنه: 1) "سر الروح" لبرهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي (ت 885). وهو أهم مختصرات الكتاب. ولم يقتصر البقاعي على اختصاره، بل أعاد ترتيبه، وزاد زيادات. وفي ذلك يقول في مقدمته: "وبعد، فإني كاتب إن شاء الله تعالى في هذه الأوراق المقصود بالحقيقة من كتاب الروح للإمام العلامة ... وذلك هو الصحيح من الأقوال في كل مسألة بأقوى أدلتها. وربما زدت شيئًا فميزته غالبًا بـ"قلت والله أعلم". ورتبته أحسن من ترتيبه، وبالغت جهدي في تهذيبه. وكنت ظننت أنه يكون بعد الزيادة والتحرير في نحو ثلثه، والثلث كثير، فجاء في نصفه فائقًا في رصفه ووصفه. ولم أخِلَّ بشيء من مختاره، ولا حذفت صحيحًا من أحاديثه وأخباره". ثم قال: "وهو إحدى وعشرون مسألة، منها ما هو فرع من غيره، فرددتها على عشر مسائل". وهذا ترتيب البقاعي لمسائل كتاب الروح: الأولى: في حقيقة الروح والنفس، وفي أنهما واحد أم شيئان متغايران، وفي أن النفس واحدة أم ثلاث؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].