{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بتسمية المسلم على الميت زائرًا وسلامه عليه وقال: "رحم الله ابن القيم فما كان أغناه عن الدخول في مثل هذا الاستدلال العقلي ... " إلخ. وقد سبق أن نقلنا تعقيبه هذا في مبحث تحقيق نسبة الكتاب. ثم رد الأول بزيارة البيت الحرام وزيارة قباء وتسمية طواف الإفاضة بطواف الزيارة. وردّ الثاني بمخاطبة الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في تشهد الصلاة بقولهم: السلام عليك أيها النبي، وهم خلفه قريبًا أو بعيدًا في مسجده وغير مسجده (ص 60). هذا في مقدمة الكتاب، ثم في تعليقه على كلام الآلوسي أشار إلى أشياء أخرى في الرد على الاستدلال بالسلام. وذكر ابن القيم فقال (ص 132): "وكأنه رحمه الله ... لم يستحضر قول شيخ الإسلام ابن تيمية في توجيه هذا السلام ونحوه، فقال في الاقتضاء (ص 416) وقد ذكر حديث الأعمى المشار إليه آنفًا (يعني قوله: يا محمد إني توجهت بك إلى ربي ... وهذا إذا افترض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بعيدًا أو غائبًا عنه لا يسمعه): "هذا وأمثاله نداء يطلب به استحضار المنادى في القلب، فيخاطب لشهوده بالقلب كما يقول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. والإنسان يفعل هذا كثيرًا، يخاطب من يتصوره في نفسه وإن لم يكن في الخارج من سمع الخطاب". قلت: جاء كلام شيخ الإسلام هذا في توجيه حديث الأعمى، ولكن استدلاله بالسلام على الميت قد ورد في الجواب عن المسألة التي نحن فيها، كما سبق. ومما استدل به ابن القيم على معرفة الأموات بزيارة الأحياء تلقين الميت بعد الدفن، وهي المسألة الآتية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].