{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ابن القيم بنى جوابه على أجوبة شيخه، والأدلة الأربعة الأولى هي أدلة شيخه. ثم زاد عليه بعض الأدلة وأيدها بالآثار والمنامات. لكن الفرق بين جوابيهما أن شيخ الإسلام يرى أن الميت يسمع في الجملة كما قال في جوابه الأول مرتين، وزاد في المرة الثانية أنه "لا يجب أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع في حال دون حال". و"قد" هنا للتقليل. ويرى أن الميت قد يعرف من يزوره كما قال في جوابه الثاني، فهذه المعرفة أيضًا ليست دائمة. أما ابن القيم فقد توسّع وعمم في كلامه. وقد نقل صاحبه ابن كثير في تفسيره (6/ 325 - 327) من أول المسألة إلى آخر قول ابن القيم بعد الدليل السادس. وقد حذف الاستدلال بتسمية المسلِّم زائرًا، ولكن نقل قوله: "والسلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلِّم محال". فكأن ابن كثير موافق لابن القيم في هذه المسألة وما استدل به مما نقله. وقد ناقش الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في مقدمته لكتاب "الآيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات" (ص 98) دلائل القائلين بالسماع، فرد على الدليل الأول بأنه خاص بأهل القليب وكان خرقًا للعادة، وعلى الثاني بأن قرع النعال خاص بوقت وضعه في قبره. وذكر أنهم استدلوا بأحاديث أخرى لا تصح أسانيدها. ومنها حديث ابن عباس الذي نقل تصحيحه عن ابن عبد البر وصححه شيخ الإسلام وغيره (انظر ص 132). ثم قال: "وأغرب ما رأيت لهم من الأدلة قول ابن القيم في الروح تحت المسألة الأولى ... فأجاب بكلام طويل جاء فيه ما نصه" ونقل استدلاله
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].