{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
منها، وسنثبتها عند وصف النسخ المعتمدة في التحقيق. أما المسائل التي اشتمل عليها كتاب الروح فهي: إحدى وعشرون مسألة. وذلك حسب ترقيمها في جميع النسخ الخطية التي بين أيدينا إلا نسخة واحدة (ن)، وكذا في النسخ المطبوعة. وذلك راجع إلى ترقيمها في أصل المؤلف. وقد نص على هذا العدد في مقدمة عدد من النسخ، ومنها نسخة الظاهرية ــ وهي أقدم النسخ ــ فجاء فيها: "أما بعد، فهذا كتاب مشتمل على إحدى وعشرين مسألة في الأرواح وما يتعلق بها ... ". وأكد برهان الدين البقاعي (ت 885) ذلك في مقدمة سر الروح فقال: "وهو إحدى وعشرون مسألة". أما النسخة (ن) فعدد المسائل حسب ترقيمها اثنتان وعشرون مسألة. وذلك أن المؤلف بعد المسألة السادسة، وهي أن الروح هل تعاد إلى الميت في قبره وقت السؤال أو لا؟ قال: "وهذا يتضح بجواب المسألة، وهي قول السائل: هل عذاب القبر على النفس أو على البدن ... ؟ ". يظهر أن هذه المسألة ــ وهي من جملة المسائل المعروضة عليه كما تفيد عبارة "قول السائل"، وهي مسألة طويلة ــ قد ألحقها المؤلف فيما بعد، وتركها غفلًا دون ترقيم، لأن ذلك يقتضي تغيير الترقيم لأربع عشرة مسألة من الثامنة إلى الحادية والعشرين، إن كان أضافها بعد الفراغ من المسألة الأخيرة. وهذه الإضافة كانت سببًا لاضطراب في النُّسَخ، فناسخ (ق) رقَّم المسألة الملحقة بالسابعة، والسابعة بالثامنة، وأبقى التاسعة على حالها، فتكررت فيها التاسعة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].