{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عنوان الكتاب لم ينص ابن القيم في كتاب الروح على عنوانه، ولكنه أحال عليه بهذا الاسم في كتابه جلاء الأفهام (ص 557) كما سبق. وبه سماه المترجمون له كالحافظ ابن حجر والسيوطي وابن العماد وغيرهم. والناقلون منه ــ ومنهم تلميذه الحافظ ابن رجب، وشمس الدين المنبجي ــ وهم كُثْر، ذكروه بهذا الاسم أيضًا. وهذا العنوان هو الوارد في مخطوطاته الكثيرة التي يبلغ عددها زهاء أربعين نسخة ما عدا مخطوطتين: إحداهما محفوظة في المكتب الهندي في لندن برقم (B 87) وصورتها في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وقد ورد عنوان الكتاب في أولها: "روح الأرواح" مع هذه الزيادة: "تحقيق أحوال ما بعد الموت والآخرة والبرزخ". وهو غلط منشؤه فيما يبدو الخلط بين ابن الجوزي وابن قيم الجوزية، فإن "روح الأرواح" كتاب لابن الجوزي في الوعظ، وهو مطبوع. ومن قبل ما خلط الوراقون بينهما فنسبوا بعض كتب ابن الجوزي إلى ابن قيم الجوزية (1). أما المخطوطة الأخرى فهي نسخة الظاهرية التي هي أقدم نسخ الكتاب فيما نعلم، وقد اعتمدنا عليها في إعداد هذه النشرة. وقد ثبت فيها اسم الكتاب في صفحة العنوان هكذا:"كتاب الروح والنفس". وكتبت كلمة "النفس" بخط مائل.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].