{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ونكتفي بهذا من الدلائل الخارجية على إثبات نسبة كتاب الروح إلى ابن القيم، وسيأتي المزيد في فصل "الصادرين عنه".
أما القسم الثاني من الدلائل، وهي التي سميناها دلائل داخلية فهي مبثوثة في الكتاب، وإليكم أبرزها: 1) ذكر ابن القيم في كتاب الروح هذا كتابًا آخر له في موضوع الروح نفسه فقال في المسألة الخامسة: "وعلى هذا ــ يعني كون الروح ذاتًا قائمة بنفسها تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل ... ــ أكثر من مائة دليل قد ذكرناها في كتابنا الكبير معرفة الروح والنفس" (ص 123). وقد ذكر هذا الكتاب الذي وصفه هنا بالكبير في كتابه مفتاح دار السعادة (3/ 105) وفي جلاء الأفهام مرتين (ص 298، 371) وسماه كتاب الروح والنفس. 2) ذكر ابن القيم في عشرة مواضع من كتاب الروح شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وفي الكتاب مواضع أخرى نقل فيها كلام شيخه دون الإشارة إليه. وسيأتي تفصيلها في بحث موارد الكتاب. 3) أورد في المسألة الرابعة حديثين وقال: إن أحدهما دخل في الآخر وركب الراوي بين اللفظين، ثم قال: "وكان شيخنا أبو الحجاج يقول ذلك". يعني الحافظ أبا الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت 742) صاحب تهذيب الكمال وهو من شيوخ ابن القيم. وكثيرًا ما ينقل عنه ولا سيما في الحديث والرجال (1).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].