{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
منهج التحقيق تبيَّن لي من دراسة النص في النسخ المختلفة أن نسخة المصنف التي ترجع إليها أصول هذه النسخ لم تحظ منه بالمراجعة والقراءة عليه. فبقي فيها أشياء من السهو في الترقيم وسبق القلم وما نتج عن إهمال الحروف وسرعة الكتابة من ضروب الإشكال. وقد اجتهد الوراقون في قراءة النص، فأفلحوا حينًا، وأخفقوا حينًا، فرسم بعضهم الكلمة المشكلة رسمًا. وتجرأ بعضهم فأصلحها بل أصلح الجملة، فأصاب مرة وأخطأ مرات. وقد أدى ذلك كله إلى وجود خلافات كثيرة بين النسخ. وقد رأيت من قبل في تحقيق طريق الهجرتين أن نسخة الفاتح التي نص كاتبها على أنه نقلها من نسخة المصنف لم يكن الاعتماد عليها وحدها كافيًا للوصول إلى نص سليم، لولا نسخة المصنف التي كشفت عن أخطاء وقع فيها كاتب نسخة الفاتح. فكيف بنسخ كتاب الروح التي لم يخبرنا نُسّاخها شيئًا عن أصولهم، فلا ندري من كتبها ومتى كتبها وكم نسخة بينها وبين أصل المؤلف. نعم، ذكر كاتب النسخة (ج) تاريخ كتابة أصلها، ولكن بعدما نسي هو أن يذكر اسمه! النسخ التي اعتمدت عليها في تصحيح النص خمس، وهي ذوات الرموز (أ، ب، ق، ط، غ). وأضفت إليها نسخة سادسة رمزها (ن) لانفرادها بأمور سبق ذكرها في وصفها. أما النسختان (ج، ز) فكان الرجوع إليهما للاستئناس. ولما كانت نسخة الظاهرية المكتوبة سنة 774 أقرب النسخ إلى زمن
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].