{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والنسخة كاملة إلا أن سقطًا بمقدار ورقة قد وقع بين الصفحتين 163 و 164. وهي في نصها قريبة من نسخة آشتيان (ب) ولعلهما منحدرتان من أصل واحد. بدأت النسخة بعد البسملة والصلاة والتسليم بخطبة انفردت به هذه النسخة، وسيأتي نصُّها. وبعد الخطبة: "ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " فلم يذكر "المسألة الأولى" ولا عنوانها. وقد انتهت بخاتمة طويلة. والخطبة والخاتمة كلتاهما منقولة من الأصل المنسوخ سنة 788. أما ناسخ هذه النسخة فقد أورد بعد خاتمة الأصل قصة امرأة علوية، ثم أثبت تاريخ الفراغ منها. وميزة هذه النسخة أنها قد انفردت بالصواب والتمام في موضع من المسألة التاسعة عشرة، فإن عبارة منها قد وردت في النسخ الأخرى كلها ناقصة أو مصحفة. * نص خطبة الكتاب الواردة في هذه النسخة الحمد لله مُعِزِّ من أطاعه واتقاه، ومُذِلِّ من خالف أمره وعصاه. الهادي إلى صراطه المستقيم من استهداه، والقريب ممن أمّل فضله ورجاه، والمجيب دعوةَ المضطرِّ إذا دعاه، والرقيب على ما أسرَّه العبد وأبداه، والكافي لمن توكل عليه فلا يكِلُه إلى غيره ولا يُحوِِجه إلى سواه. الحليم الذي لا يعجل بالعقوبة على من عصاه، يبارزه بالعظائم وهو يسوق إليه رزقه ولا ينساه. الكريم الذي يمينه ملأى، لا تَغيضها نفقة، سحَّاءُ الليل والنهار، فلا ينقص خزائنه على سعته عطاياه. الجواد الذي لا يخيب لديه من أنزل به
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].