«وأوحي إليَّ أن تَواضَعوا حتى لا يفخرَ أحدٌ على أحد، ولا يَبغيَ أحدٌ على أحد» (2).

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الروح [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل) قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
كتاب الروح تأليف ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق محمد أجمل أيوب الإصلاحي
ومن معرفته بنفسهِ ونقائصها وعيوبِ عمله وآفاتها (1). فيتولَّد من بين ذلك كلِّه خُلقٌ هو التواضع، وهو انكسارُ القلب لله، وخفضُ جناح الذلِّ والرحمة لعباده. فلا يرى له على أحد فضلًا، ولا يرى له عند أحد حقًّا، بل يرى الفضلَ للناس عليه والحقوقَ لهم قِبله. وهذا خُلقٌ إنما يُعطيه الله عزَّ وجلَّ مَن يُحبه ويُكرمه ويُقرِّبه. وأما المهانة، فهي الدَّناءة والخِسَّة، وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها، كتواضعِ السُفَّل في نيل شهواتهم، وتواضعِ المفعول به للفاعل، وتواضعِ طالب كلِّ حظٍّ لمن يرجو نيلَ حظِّه منه. فهذا كلُّه ضَعةٌ، لا تواضع، [154 أ] والله سبحانه يحبُّ التواضع، ويبغضُ الضَّعة والمهانة. وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -:
«وأوحي إليَّ أن تَواضَعوا حتى لا يفخرَ أحدٌ على أحد، ولا يَبغيَ أحدٌ على أحد» (2).
والتواضع المحمود على نوعين: أحدهما: تواضعُ العبد عند أمر الله امتثالًا، وعند نَهْيه اجتنابًا، فإن النفسَ لطلب (3) الراحة تتلكأ في أمره، فيبدو منها نوعُ إباء وشِراد هربًا من العبودية، وتثِبُ (4) عند نَهْيه طلبًا للظَّفر بما منع منه، فإذا وضَع العبدُ نفسَه لأمر الله