
[مشروع آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (21)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 614
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والاختلاف والزيادة والنقصان بينهما.
أولاً: المقدمة: افتتح الذهبي كتابه «العلو» بمقدمة مختصرة جدًّا، أشار فيها إلى التأليف الأول لهذا الذي جمعه في سنة 698 هـ، وذكر أنه لم يتكلم على بعض الأحاديث ولم يستوعب ما ورد في ذلك، ثم قال: «والآن فأرتب المجموع، وأوضحه هنا»، ثم ذكر مادة الكتاب.
أما ابن القيم فقد افتتح كتابه بمقدمة رائعة هي كالتوطئة للدخول في صلب الموضوع، فقد تحدَّث عن النعمة وأقسامها، وذكر ما فيها من المباحث، وتحدث عن الخارجين عن طاعة الرسول وأنهم يتقلَّبون في عشر ظلمات، وكذلك المتابعين للرسل يتقلَّبون في عشرة أنوار.
ثم تحدث عن أقسام الناس، وشرح كل قسم، ثم تحدث عن المثل الناري والمثل المائي المذكور في سورة البقرة، وشرحه شرحًا مفصلًا مع ذكر ما تضمنه من الفوائد والحِكم.
ثم عقد فصلًا بين فيه أن ملاك السعادة والنجاة بتحقيق التوحيدين، فذكرهما ودلَّل عليهما (1).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الله سبحانه المسؤول المرجو الإجابة أن يمتِّعكم بالإسلام والسنة والعافية، فإن سعادة الدنيا والآخرة ونعيمهما وفوزهما مبنيٌّ على هذه الأركان الثلاثة، وما اجتمعن في عبدٍ بوصف الكمال إلا وقد كملت نعمة الله عليه، وإلا فنصيبه من نعمة الله بحسب نصيبه منها.
والنعمة نعمتان: نعمة مطلقة ونعمة مقيدة.
فالنعمة المطلقة: هي المتصلة بسعادة الأبد، وهي نعمة الإسلام والسنة، وهي النعمة (2) التي أمرنا الله سبحانه أن نسأله في صلواتنا (3)؛ أن يهدينا صراط أهلها ومن خصَّهم (4) بها وجعلهم أهل الرفيق الأعلى، حيث يقول تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء/69].
فهؤلاء الأصناف الأربعة هم أهل هذه النعمة المطلقة، وأصحابها