زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
اعتبره، فهو كقوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، ومن لم يعتبره فالمراد بالنِّكاح عنده العقد.
وأمَّا حكم الحاكم بسقوط الحضانة، فذاك إنَّما يُحتاج إليه عند التَّنازع والخصومة بين المتنازعين، فيكون منفِّذًا لحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوقف سقوط الحضانة على حكمه، بل قد حكم هو بسقوطها، حكمَ به الحكَّام (1) بعده أو لم يحكموا. والَّذي دلَّ عليه هذا الحكم النَّبويُّ أنَّ الأمَّ أحقُّ بالطِّفل ما لم يوجد منها النِّكاح، فإذا نكحت زال ذلك الاستحقاق، وانتقل الحقُّ إلى غيرها. فأمَّا إذا طلبه من له الحقُّ وجبَ على خصمه أن يبذله له، فإن امتنع أجبره الحاكم عليه، وإن أسقط حقَّه أو لم يطالب به بقي على ما كان عليه أوَّلًا. فهذه (2) قاعدةٌ عامَّةٌ مستفادةٌ من غير هذا الحديث.
فصل وقد احتجَّ (3) من لا يرى التَّخيير بين الأبوين بظاهر هذا الحديث، ووجه الاستدلال أنَّه قال: «أنتِ أحقُّ به»، ولو خُيِّر الطِّفل لم تكن هي أحقَّ به إلّا إذا اختارها، كما أنَّ الأب لا يكون أحقَّ به إلا إذا اختاره، فإن قُدِّر: أنتِ أحقُّ به إن اختارك، قُدِّر ذلك في جانب الأب، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جعلها أحقَّ به مطلقًا عند المنازعة، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك. ونحن نذكر هذه المسألة ومذاهبَ النَّاس فيها، والاحتجاج لأقوالهم، ونُرجِّح ما وافق حكمَ