زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أنَّ العدَّة الَّتي أمر الله أن تُطلَّق لها النِّساء هي أن تُطلَّق طاهرًا لتستقبل عدَّتها بعد الطَّلاق.
فإن قيل: فإذا جعلنا الأقراء الأطهار استقبلت عدَّتها بعد الطَّلاق بلا فصلٍ، ومن جعلها الحيض لم تستقبلها على قوله حتَّى ينقضي الطُّهر.
قيل: كلام الرَّبِّ تبارك وتعالى لا بدَّ أن يحمل على فائدةٍ مستقلَّةٍ، وحمل الآية على معنى: فطلِّقوهنَّ طلاقًا تكون العدَّة بعده لا فائدة فيه، وهذا بخلاف ما إذا كان المعنى: فطلِّقوهنَّ طلاقًا يستقبلن فيه العدَّة، لا يستقبلن فيه طهرًا لا يُعتدُّ به، فإنَّها إذا طُلِّقت حائضًا استقبلت طهرًا لا يُعتدُّ به، فلم تُطلَّق لاستقبال العدَّة. ويوضِّحه قراءة من قرأ: (فطلِّقوهنَّ في قُبُلِ عدِّتهنَّ)، وقُبُلُ العدَّة هو الوقت الذي يكون بين يدي العدَّة تستقبل به، كقبل الحائض (1). يوضِّحه أنَّه لو أريد ما ذكروه لقيل: في أوَّل عدَّتهنَّ، فالفرق بين قُبُلِ الشَّيء وأوَّلِه.
وأمَّا قولكم: لو كانت القروء هي الحيض لكان قد طلَّقها قبل العدَّة.
قلنا: أجل، وهذا هو الواجب عقلًا وشرعًا، فإنَّ العدَّة لا تفارق الطَّلاق ولا تسبقه، بل يجب تأخُّرها (2) عنه (3).
قولكم: فكان ذلك تطويلًا عليها، كما لو طلَّقها في الحيض.
قيل: هذا مبنيٌّ على أنَّ العلَّة في تحريم طلاق الحائض خشيةُ التَّطويل