زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
من المهاجرات الأول، وقد رَضِيَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحِبِّه وابنِ حِبِّه أسامة بن زيدٍ، وكان الذي خطبها له.
وإذا شئتَ أن تعرف مقدار حفظها وعلمها فاعرِفْه من حديث الدَّجَّال الطَّويل الذي حدَّث به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فوعَتْه فاطمة وحفظته، وأدَّته كما سمعتْه، ولم ينكره عليها أحدٌ مع طوله وغرابته (1). فكيف بقصَّةٍ جرتْ لها وهي سببُها، وخاصمَتْ فيها وحُكِم فيها بكلمتين، وهي: لا نفقةَ لكِ ولا سكنى. والعادة تُوجِب حفظَ مثل هذا وذكره، واحتمال النِّسيان فيه أمرٌ مشتركٌ بينها وبين من أنكر عليها، فهذا عمر - رضي الله عنه - قد نسي تيمُّم الجنب، وذكَّره عمَّار بن ياسرٍ أمْرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهما بالتَّيمُّم من الجنابة، فلم يذكره عمر، وأقام على أنَّ الجنب لا يُصلِّي حتَّى يجد الماء (2).
ونسي - رضي الله عنه - قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] حتَّى ذكَّرتْه به امرأةٌ، فرجع إلى قولها (3).