زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأمَّا أصحاب مالك ففي «المدوَّنة» (1) لابن القاسم المنع من بيعها وإن دبغت، وهو الذي ذكره صاحب «التَّهذيب» (2). وقال المازري (3): هذا هو مقتضى القول بأنَّها لا تطهر بالدِّباغ. قال: وأمَّا إذا فرَّعنا على أنَّها تطهر بالدِّباغ طهارةً كاملةً، فإنَّا نجيز بيعها لإباحة جملة منافعها.
قلت: عن مالك في طهارة الجلد المدبوغ روايتان (4)، إحداهما: يطهر ظاهره وباطنه، وبها قال ابن وهب (5)، وعلى هذه الرِّواية جوَّز أصحابه بيعه. والثَّانية ــ وهي أشهر الرِّوايتين عنه ــ أنَّه يطهر طهارةً مخصوصةً يجوز معها استعماله في اليابسات، وفي الماء وحده دون سائر المائعات، قال أصحابه: وعلى هذه الرِّواية لا يجوز بيعه، ولا الصَّلاة فيه، ولا الصَّلاة عليه.
وأمَّا مذهب الإمام أحمد، فإنَّه لا يصحُّ عنده بيع جلد الميتة قبل دبغه. وعنه في جوازه بعد الدَّبغ روايتان (6)، هكذا أطلقهما الأصحاب، وهما عندي مبنيَّتان على اختلاف الرِّواية عنه في طهارته بعد الدِّباغ.
وأمَّا بيع الدُّهن النَّجس ففيه ثلاثة أوجهٍ في مذهبه (7): أحدها: أنَّه لا يجوز بيعه.