زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
المنتسبين (1)، وقد رُوي عن مالك أنَّه يطهر بالغسل، هذه رواية ابن نافع وابن القاسم عنه.
الثَّاني: أنَّ هذا الفرق وإن تأتَّى لأصحابه في الزَّيت والشَّيْرَج ونحوهما، فلا يتأتَّى لهم في جميع الأدهان، فإنَّ منها ما لا يمكن غَسْلُه، وأحمد والشَّافعيُّ قد أطلقا القول بجواز الاستصباح بالدُّهن النَّجس من غير تفريقٍ.
وأيضًا فإنَّ هذا الفرق لا يفيد في رفع (2) كونه مستعملًا للخبيث وللنَّجاسة، سواءٌ كانت عينيَّةً أو طارئةً، فإنَّه إن حُرِّم الاستصباح لما فيه من استعمال الخبيث فلا فرقَ، وإن حرِّم لأجل دخان النَّجاسة فلا فرق، وإن حُرِّم لكون الاستصباح به ذريعةً إلى اقتنائه فلا فرقَ، والفرقُ بين المذهبين في جواز الاستصباح بهذا دونَ هذا لا معنى له.
وأيضًا فقد جوَّز جمهور العلماء الانتفاعَ بالسِّرْقِين (3) النَّجِس في عمارة الأرض للزَّرع والبقل والثَّمر مع نجاسة عينه، وملابسة المستعمل له أكثر من ملابسة المُوقِد، وظهور أثرِه في البقول والزُّروع (4) والثِّمار فوقَ ظهور أثر الوقيد، وإحالة النَّار أتمّ من إحالة الأرض والهواء والشَّمس للسِّرقين، فإن كان التَّحريم لأجل دخان النَّجاسة فمَنْ سَلَّم أنَّ دخان النَّجاسة نجسٌ؟ وبأيِّ كتابٍ أم بأيَّة سنَّةٍ ثبت ذلك؟ وانقلابُ النَّجاسة إلى الدُّخان أتمُّ من انقلاب