زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والإقرار، وقد كانوا ينكرون ما هو دونها وإن فعله عمر - رضي الله عنه -، كما أنكر عليه عمران بن حُصينٍ وغيره شأن متعة الحجِّ (1)، ولم ينكر أحدٌ هذه الواقعة. وسنبيِّن إن شاء الله أنَّها محض القياس، وأنَّ المانعين منها لا بدَّ لهم منها، وأنَّهم يتحيَّلون عليها بحيلٍ لا تجوز.
الوجه التَّاسع: أنَّ المستوفى بعقد الإجارة على زرع الأرض هو (2) عينٌ من الأعيان، وهو المُغَلُّ الذي يَستغِلُّه (3) المستأجر، وليس له مقصودٌ في منفعة الأرض غير ذلك، وإن كان له قصدٌ جرى في الانتفاع بغير الزَّرع فذلك تبعٌ.
فإن قيل: المعقود عليه هو منفعة شَقِّ الأرض وبَذْرها وفلاحتها، والعين تتولَّد من هذه المنفعة، كما لو استأجره لحفر بئرٍ، فخرج منها الماء، فالمعقود عليه هو نفس العمل لا الماء.
قيل: مستأجر الأرض ليس له مقصودٌ في غير المُغَلِّ، والعمل وسيلةٌ مقصودةٌ لغيرها، ليس له فيه منفعةٌ، بل هو تَعَبٌ ومشقَّةٌ، وإنَّما مقصوده ما يُحدِثه الله سبحانه من الحَبِّ بسَقْيه وعمله. وهكذا مستأجر الشَّاة للبنها سواءٌ، مقصوده ما يُحدِثه الله سبحانه من لبنها بعَلَفِه لها وحفظها والقيام عليها، فلا فرقَ بينهما البتَّةَ إلّا ما لا يُناط به الأحكامُ من الفروق المُلْغاة. وتنظيركم بالاستئجار لحفر البئر تنظيرٌ فاسدٌ، بل نظير حفر البئر أن يستأجر أكَّارًا لحرْثِ أرضه ويَبذُرها ويَسقيها، ولا ريبَ أنَّ تنظير إجارة الحيوان للبنه