زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الثَّدي، وإنَّ له مُرضِعًا في الجنَّة تُتِمُّ رضاعَه» (1) , يعني إبراهيم ابنَه صلوات الله وسلامه عليه.
قالوا: وأكَّد ذلك بقوله: «لا رضاعَ إلا ما فَتَقَ الأمعاءَ, وكان في الثَّدي قبل الفِطام» (2)، فهذه ثلاثة أوصافٍ للرَّضاع المحرِّم، ومعلومٌ أنَّ رضاع الشَّيخ الكبير عارٍ من الثَّلاثة.
قالوا: وأصرحُ من هذا حديث ابن عبَّاسٍ: «لا رضاعَ إلا ما كان في الحولين» (3).
قالوا: وأكَّده أيضًا حديث ابن مسعودٍ: «لا يُحرِّم من الرَّضاع إلا ما أنبتَ اللَّحم وأنشَرَ العظمَ» (4)، ورضاع الكبير لا يُنبِت لحمًا، ولا يُنشِر عظمًا.
قالوا: ولو كان رضاع الكبير محرِّمًا لما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعائشة وتغيَّر وجهه، وكره دخولَ أخيها من الرَّضاعة عليها لمَّا رآه كبيرًا، وقال: «انظُرْنَ مَنْ إخوانُكنُّ»، فلو حرَّم رضاع الكبير لم يكن فرقٌ بينه وبين الصَّغير، ولما كره ذلك وقال: «انظُرن مَن إخوانُكنَّ» ثمَّ قال: «فإنَّما الرَّضاعة من المجاعة» , وتحت هذا من المعنى خشيةُ أن يكون قد ارتضع في غير زمن الرَّضاع وهو زمن المجاعة، فلا ينشُر الحرمة، فلا يكون أخًا.