زاد المعاد في هدي خير العباد ج6

زاد المعاد في هدي خير العباد ج6

4458 3

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: محمد عزير شمس

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 531

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

قلنا: صدقتم، لكن عارضه كونُ القلوب مجبولةً على حبِّ البنين واختيارِهم على البنات، فإذا اجتمع نقصُ الرَّغبة ونقصُ الأنوثية وكراهةُ البنات في الغالب= ضاعت الطِّفلة، وصارت إلى فسادٍ يَعسُر تلافيه، والواقع شاهدٌ بهذا، والفقه (1) تنزيل المشروع على الواقع.
وسرُّ الفرق أنَّ البنت تحتاج من الحفظ والصِّيانة فوقَ ما يحتاج إليه الصَّبيُّ؛ ولهذا شُرع في حقِّ الإناث من السِّتر والخَفر ما لم يُشرع مثله للذُّكور في اللِّباس وإرخاء الذَّيل شِبْرًا أو أكثر، وجَمْعِ نفسها في الرُّكوع والسُّجود دون التَّجافي، ولا تُرجِّع (2) صوتَها بقراءةٍ، ولا تَرمُل في الطَّواف، ولا تتجرَّد في الإحرام عن المَخِيط، ولا تَكشِف رأسها، ولا تسافر وحدها. هذا كلُّه مع كبرها ومعرفتها، فكيف إذا كانت في سنِّ الصِّغر وضعف العقل الذي يقبل فيه الانخداع (3)؟ ولا ريبَ أنَّ تردُّدها بين الأبوين ممَّا يعود على المقصود بالإبطال، أو يُخِلُّ به، أو يَنقُصه؛ لأنَّها لا تستقرُّ في مكانٍ معيَّنٍ، فكان الأصلح لها أن تُجعَل عند أحد الأبوين من غير تخييرٍ، كما قاله الجمهور مالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق، فتخييرها ليس منصوصًا عليه، ولا هو في معناه فيُلْحَق به.
ثمَّ هاهنا حصل الاجتهاد في تعيين أحد الأبوين لمقامها عنده وأيُّهما أصلح لها، فمالك وأبو حنيفة وأحمد في إحدى الرِّوايتين عنه عيَّنوا الأمَّ،

الصفحة

56/ 531

مرحباً بك !
مرحبا بك !