زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
كليهما، فلا تخرج من عدَّتها بيقينٍ حتَّى تأتي بأقصى الأجلين.
قالوا: ولا يمكن تخصيص عموم إحداهما بخصوص الأخرى، لأنَّ كلَّ آيةٍ منهما عامَّةٌ من وجهٍ خاصَّةٌ من وجهٍ: قالوا: فإذا أمكن دخول بعض الصُّور في عموم الآيتين، يعني إعمالًا للعموم في مقتضاه، فإذا اعتدَّت أقصى الأجلين دخل أدناهما في أقصاهما.
والجمهور أجابوا عن هذا بثلاثة (1) أجوبةٍ: أحدها: أنَّ صريح السُّنَّة يدلُّ على اعتبار الحمل فقط، كما في «الصَّحيحين» (2): أنَّ سُبَيعة الأسلمية توفِّي عنها زوجها وهي حبلى، فوضعت، فأرادت أن تنكح، فقال لها أبو السنابل: ما أنتِ بناكحةٍ حتَّى تعتدِّي آخرَ الأجلين، فسألت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «كذب أبو السنابل، قد حَلَلْتِ فانكحي مَن شئتِ».
الثَّاني: أنَّ قوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] نزلت بعد قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، وهذا جواب عبد الله بن مسعودٍ، كما في «صحيح البخاريِّ» (3) عنه: أتجعلون عليها التَّغليظ، ولا تجعلون لها الرُّخصة؟ أَشهدُ لَنزلتْ سورة النِّساء القُصرى بعد الطُّولى: {وَأُولَاتُ