زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والمعدوم ثلاثة أقسامٍ: معدومٌ موصوفٌ مضمونٌ (1) في الذِّمَّة، فهذا يجوز بيعه اتِّفاقًا، وإن كان أبو حنيفة شرطَ في هذا النَّوع أن يكون وقتَ العقد في الوجود من حيث الجملة، وهذا هو السَّلَم، وسيأتي ذكره إن شاء الله.
والثَّاني: معدومٌ تبعٌ للموجود، وإن كان أكثر منه، وهو نوعان: نوعٌ متَّفقٌ عليه، ونوعٌ مختلفٌ فيه: فالمتَّفق عليه بيع الثِّمار بعد بدوِّ صلاح ثمرةٍ واحدةٍ منها، فاتَّفق النَّاس على جواز بيع ذلك الصِّنف الذي بدا صلاح واحدةٍ منه، وإن كانت بقيَّة أجزاء الثِّمار معدومةً وقتَ العقد، ولكن جاز بيعها تبعًا للموجود، وقد يكون المعدوم متَّصلًا بالموجود، وقد يكون أعيانًا أُخَر منفصلةً عن الموجود لم تُخْلَق بعدُ.
والنَّوع المختلف فيه كبيع المَقَاثِئ والمَباطِخ إذا طابتْ، فهذا فيه قولان، أحدهما: أنَّه يجوز بيعها جملةً، ويأخذها المشتري شيئًا بعد شيءٍ، كما جرت به العادة، ويجري مجرى بيع الثَّمرة بعد بدوِّ صلاحها. وهذا هو الصَّحيح من القولين الذي استمَّر (2) عليه عمل الأمَّة، ولا غِنى لهم عنه، ولم يأتِ بالمنع منه كتابٌ ولا سنَّةٌ ولا إجماعٌ، ولا أثرٌ ولا قياسٌ صحيحٌ، وهو مذهب مالك وأهل المدينة، وأحد القولين في مذهب أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة (3).