زاد المعاد في هدي خير العباد ج6

زاد المعاد في هدي خير العباد ج6

3834 1

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: محمد عزير شمس

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 531

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

فقابضُ المالِ قبضَه بغير حقٍّ، فعليه أن يؤدِّيَه (1) إلى دافعه.
قيل: والدَّافع قبضَ العينَ واستوفى المنفعةَ بغير حقٍّ، فكلاهما قد اشتركا في دفْعِ ما ليس لهما دفعُه، وقبْضِ ما ليس لهما قبضُه، وكلاهما عاصٍ للَّه، فكيف يُخَصُّ أحدهما بأن يجمع له بين العوض والمعوَّض، ويُفَوَّت على الآخر العوض والمعوَّض؟ فإن قيل: هو فوَّت المنفعة على نفسه باختياره.
قيل: والآخر فوَّت العوضَ على نفسه باختياره، فلا فرق بينهما، وهذا واضحٌ بحمد اللَّه.
وقد توقَّف شيخنا - رحمه الله - في وجوب ردِّ عوضِ هذه المنفعة المحرَّمة على باذلِه أو الصَّدقةِ به، في كتاب «اقتضاء الصِّراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم» وقال (2): الزَّاني ومستمعُ الغناء والنَّوح قد بذلوا هذا المال عن طيب نفوسهم، واستوفَوا العوضَ المحرَّم. والتَّحريمُ الذي فيه ليس لحقِّهم، وإنَّما هو لحقِّ الله، وقد فاتت هذه المنفعة بالقبض، والأصولُ تقتضي أنَّه إذا ردَّ أحدَ العوضين ردَّ الآخر، فإذا تعذَّر على المستأجر ردُّ المنفعة لم يردَّ عليه المال. وهذا الذي استُوفِيتْ منفعته عليه ضررٌ في أخذ منفعتِه وعوضِها جميعًا منه، بخلاف ما إذا كان العوض خمرًا أو ميتةً، فإنَّ تلك لا ضررَ عليه في فَواتها، فإنَّها لو كانت باقيةً أتلَفْناها عليه، ومنفعة الغناء والنَّوح لو لم تَفُتْ لتوفَّرتْ عليه، بحيث كان يتمكَّن من صَرْف تلك المنفعة في أمرٍ آخر، أعني من صرف القوَّة الَّتي عمل بها.

الصفحة

463/ 531

مرحباً بك !
مرحبا بك !