زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
موجب النَّصِّ، وهذا لا يلزم من جعْلِ الأقراء الحيضَ، فإنَّ الحيضة وحدها عَلَمٌ، ولهذا اكتُفِي بها في استبراء الإماء.
قولكم: إنَّ القرء هو الجمع، والحيض يجتمع في زمان الطُّهر، فقد تقدَّم جوابه، وأنَّ ذلك في المعتلِّ لا في المهموز.
قولكم: دخول التَّاء في «ثلاثةٍ» يدلُّ على أنَّ واحدها مذكَّرٌ، وهو الطُّهر، جوابه: أنَّ واحد القروء قرءٌ، وهو مذكَّرٌ، فأتى بالتَّاء مراعاةً للفظه وإن كان مسمَّاه حيضةً، وهذا كما يقال: جاءني ثلاثة أنفسٍ وهنَّ نساءٌ باعتبار اللَّفظ. والله أعلم.
فصل وقد احتجَّ بعموم آيات العِدَد الثَّلاث من يرى عدَّة الحرَّة والأمة سواءً، قال أبو محمَّد بن حزمٍ (1): وعدَّة الأمة المتزوِّجة من الطَّلاق والوفاة كعدَّة الحرَّة سواءً بسواءٍ، ولا فرقَ؛ لأنَّ الله تعالى علَّمنا العِدَد في الكتاب فقال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، وقال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، وقال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. وقد علم الله عزّ وجلّ إذ أباح لنا زواج الإماء أنَّه يكون عليهنَّ العِدَد المذكورات، فما فرَّق عزَّ وجلَّ بين حرَّةٍ ولا أمةٍ في ذلك، وما كان ربُّك نسيًّا.