زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأمَّا قولكم: إنَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرون التَّحريم بذلك، فدعوى باطلةٌ على جميع الصَّحابة، فقد صحَّ عن علي إثبات التَّحريم به، وذكر البخاريُّ في «صحيحه» (1) أنَّ ابن عبَّاسٍ سئل عن رجلٍ كانت له امرأتان أرضعتْ إحداهما جاريةً والأخرى غلامًا أيحلُّ أن ينكحها؟ فقال ابن عبَّاسٍ: لا، اللِّقاح واحدٌ.
وهذا الأثر الذي استدللتم به صريحٌ عن الزبير أنَّه كان يعتقد زينبَ ابنتَه بتلك الرَّضاعة، وهذه عائشة أم المؤمنين كانت تفتي بأنَّ لبن الفحل ينشر الحرمة (2)، فلم يبقَ بأيديكم إلا عبد الله بن الزبير، وأين يقع من هؤلاء؟ وأمَّا الذين سألتْهم فأفتوها بالحلِّ فمجهولون غير مسمَّينَ، ولم يقل الرَّاوي: فسألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم متوافرون، بل لعلَّها أرسلتْ فسألتْ من لم يبلغه السُّنَّة الصَّحيحة منهم، فأفتاها بما أفتاها به عبد الله بن الزبير، ولم تكن الصَّحابة إذ ذاك متوافرون (3) بالمدينة، بل كان معظمهم وأكابرهم بالشَّام والعراق ومصر.
وأمَّا قولكم: إنَّ الرَّضاعة إنَّما هي من جهة الأمِّ، فالجواب أن يقال: إنَّما