
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فيها بالباطل والكذب موجبةٌ عليه اللَّعنةَ أو الغضبَ، نَوى ما ذكرتم أو لم يَنوِه، فإنَّه لا يُموِّه على من يعلم السِّرَّ وأخفى بمثل هذا.
فصل ومنها: أنَّ الحمل ينتفي بلعانه، ولا يحتاج أن يقول: وما هذا الحمل منِّي، ولا يحتاج أن يقول: وقد استبرأتُها. هذا قول أبي بكر عبد العزيز من أصحاب أحمد، وقول بعض أصحاب مالك، وأهل الظَّاهر. وقال الشَّافعيُّ: يحتاج الرَّجل إلى ذكر الولد، ولا تحتاج المرأة إلى ذكره. وقال الخِرَقي وغيره: يحتاجان إلى ذكره. وقال القاضي: يشترط أن يقول: هذا الولد من زنًا، وليس هو منِّي (1). وهو قول الشَّافعيِّ. وقول أبي بكر أصحُّ الأقوال، وعليه تدلُّ السُّنَّة الثَّابتة.
فإن قيل: فقد روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لاعنَ بين رجلٍ وامرأته، وانتفى من ولده (2)، ففرَّق بينهما، وألحق الولد بالمرأة (3). وفي حديث سهل بن سعدٍ: «وكانت حاملًا، فأنكر حملَها». وقد حكم - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ الولد للفِراش، وهذه كانت فراشًا له حال كونها حاملًا، فالولد له، فلا ينتفي عنه إلا بنفيه.
قيل: هذا موضع تفصيلٍ لا بدَّ منه، وهو أنَّ الحمل إن كان سابقًا على ما رماها به وعلم أنَّها زنتْ وهي حاملٌ منه، فالولد له قطعًا، ولا ينتفي عنه