
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإيلاء ثبت في «صحيح البخاريِّ» (1) عن أنس قال: آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه، وكانت انفكَّتْ رِجله، فأقام في مَشْرُبةٍ (2) له تسعًا وعشرين ليلةً ثمَّ نزل، فقالوا: يا رسول الله، آليتَ شهرًا، فقال: «إنَّ الشَّهر يكون تسعًا وعشرين». وقد قال سبحانه: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226 - 227].
الإيلاء لغةً: الامتناع باليمين، وخُصَّ في عرف الشَّرع بالامتناع باليمين من وطء الزَّوجة، ولهذا عُدِّي فعله بأداة «من» تضمينًا له معنى يمتنعون من نسائهم، وهو أحسن من إقامة «من» مقام «على».
وجعل سبحانه للأزواج مدَّة أربعة أشهرٍ يمتنعون فيها من وطء أزواجهم بالإيلاء، فإذا مضت فإمَّا أن يفيء وإمَّا أن يطلِّق.
وقد اشتهر عن علي وابن عبَّاسٍ أنَّ الإيلاء إنَّما يكون في حال الغضب دون الرِّضى (3)، كما وقع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع نسائه، وظاهرُ القرآن مع