
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لزِمَه طلاقُ امرأته نواه أو لم ينوِه، ويُدَّعَى أنَّه ثبت (1) له عرف الشَّرع والاستعمال، فإنَّ هذه دعوى باطلةٌ شرعًا واستعمالًا: أمَّا الاستعمال فلا يكاد أحدٌ (2) يطلِّق به البتَّة، وأمَّا الشَّرع فقد استعمله في غير الطَّلاق، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]، فهذا السَّراح غير الطَّلاق قطعًا.
وكذلك «الفراق»، استعمله الشَّرع في غير الطَّلاق، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} إلى قوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق:1 - 2]، فالإمساك هنا: الرَّجعة، والمفارقة: تركُ الرَّجعة لا إنشاء طلقةٍ ثانيةٍ، هذا ما لا خلافَ فيه البتَّةَ، فلا يجوز أن يقال: إنَّ من تكلَّم به طلقتْ زوجتُه، فَهِمَ معناه أو لم يفهمه، وكلاهما في البطلان سواءٌ، وباللَّه التَّوفيق.