
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مسعودٍ صريحةٌ في تفسير الفيئة بأنَّها في المدَّة، وأقلُّ مراتبها أن تكون تفسيرًا.
قالوا: ولأنَّه أجلٌ مضروبٌ للفرقة، فتعقَّبتْه (1) الفرقة، كالعدَّة وكالأجل الذي ضُرِب لوقوع الطَّلاق، كقوله: إذا مضت أربعة أشهرٍ فأنتِ طالقٌ.
قال الجمهور: لنا من آية الإيلاء عشرة أدلَّةٍ: أحدها: أنَّه أضاف مدَّة الإيلاء إلى الأزواج، وجعلها لهم، ولم يجعلها عليهم، فوجب أن لا يستحقَّ المطالبة فيها، بل بعدها، كأجل الدَّين، ومن أوجب المطالبة فيها لم يكن عنده (2) أجلًا لهم، ولا يُعقَل كونها أجلًا لهم، ويستحقُّ عليهم فيها المطالبة.
الدَّليل الثَّاني: قوله: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فذكر الفيئة بعد المدَّة بفاء التَّعقيب، وهذا يقتضي أن يكون بعد المدَّة. ونظيره قوله سبحانه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. وهذا بعد الطَّلاق قطعًا.
فإن قيل: فاء التَّعقيب توجب أن يكون بعد الإيلاء لا بعد المدَّة.
قيل: قد تقدَّم في الآية ذكرُ الإيلاء، ثمَّ تلاه ذكرُ المدَّة، ثمَّ يُعقبهما (3) ذكرُ الفيئة، فإذا أوجبت الفاء التَّعقيبَ بعد ما تقدَّم ذكره، لم يجزْ أن يعود إلى أبعد المذكورين، ووجب عودها (4) إليهما أو إلى أقربهما.