
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ويكون كنايةً في الطَّلاق، ويحتمل أنَّه جعلها واحدةً بقول ضرَّتها: هي طالقٌ، ولم يجعل للضَّرَّة إبانتَها لئلَّا تكون هي القوَّامة على الزَّوج، فليس في هذا دليلٌ لما ذهبتْ إليه هذه الفِرقة، بل هو حجَّةٌ عليها.
وقال أبو عبيد (1): ثنا عبد الغفَّار بن داود، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ: أنَّ رُمَيثة الفارسية (2) كانت تحت محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فملَّكها أمْرَها، فقالت: أنتَ طالقٌ ثلاث مرَّاتٍ، فقال عثمان بن عفَّان: أخطأتْ، لا طلاقَ لها، لأنَّ المرأة لا تُطلِّق.
وهذا أيضًا لا يدلُّ لهذه الفِرقة؛ لأنَّه إنَّما لم يُوقع الطَّلاق لأنَّها أضافَتْه إلى غير محلِّه وهو الزَّوج، ولم يقل: أنا منك طالقٌ. وهذا نظير ما رواه عبد الرزاق (3)، ثنا ابن جريجٍ، أخبرني أبو الزبير أنَّ مجاهدًا أخبره أنَّ رجلًا جاء إلى ابن عبَّاسٍ فقال: ملَّكتُ امرأتي أمرَها فطلَّقتْني ثلاثًا، فقال ابن عبَّاسٍ: خَطَّأ الله نَوْءَها (4)، الطَّلاقُ لك عليها، وليس لها عليك.