
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وإذا عُرِف هذا، فخطابه في هذا الحديث خاصٌّ بأهل الحجاز وما والاهم، إذ كان أكثر الحُمَّيَات الَّتي تعرض لهم من نوع الحمَّى اليوميَّة العرضيَّة الحادثة عن شدَّة حرارة الشَّمس، وهذه ينفعها الماء البارد شربًا واغتسالًا، فإنَّ الحمَّى حرارةٌ غريبةٌ تشتعل في القلب، وتنبثُّ (1) منه بتوسُّط الرُّوح والدَّم في الشَّرايين والعروق إلى جميع البدن، فتشتعل فيه اشتعالًا يضرُّ بالأفعال الطَّبيعيَّة (2).
وهي تنقسم إلى قسمين: عَرَضيَّة: وهي الحادثة إمَّا عن الورم أو الحركة أو إصابة حرارة الشَّمس أو الغيظ (3) الشَّديد ونحو ذلك.
ومَرَضيَّةٌ: وهي ثلاثة أنواعٍ، وهي لا تكون إلا في مادَّةٍ أولى ثمَّ منها يسخُن جميع البدن. فإن كان مبدأ تعلُّقها بالرُّوح سمِّيت «حمَّى يومٍ»، لأنَّها في الغالب تزول في يومٍ، ونهايتها ثلاثة أيَّامٍ. وإن كان مبدأ تعلُّقها بالأخلاط سمِّيت «عَفَنيَّةً» وهي أربعة أصنافٍ: صفراويَّةٌ وسوداويَّةٌ وبلغميَّةٌ ودمويَّةٌ. وإن كان مبدأ تعلُّقها بالأعضاء الصُّلبة الأصليَّة سمِّيت «حمَّى دِقٍّ». وتحت هذه الأنواع أصنافٌ كثيرةٌ.