زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
النَّبويَّة من الأمور المضادَّة لهذه الأدواء. فإنَّ المرض يُزَال بالضِّدِّ، والصِّحَّة تُحفَظ بالمثل. فصحَّتُه تُحفَظ بهذه الأمور النَّبويَّة، وأمراضُه بأضدادها.
فالتَّوحيد يفتح للعبد بابَ الخير والسُّرور واللَّذَّة والفرح والابتهاج. والتَّوبةُ استفراغٌ للأخلاط (1) والموادِّ الفاسدة الَّتي هي سببُ أسقامه، وحِمْيةٌ له من التَّخليط؛ فهي تغلق عنه باب الشُّرور. فيُفْتَح (2) بابُ السَّعادة والخير بالتَّوحيد، ويُغْلَق (3) بابُ الشُّرور بالتَّوبة والاستغفار.
قال بعض المتقدِّمين من أئمَّة الطِّبِّ: من أراد عافية الجسم فليقلِّل من الشراب والطَّعام، ومن أراد عافية القلب فليترك الآثام.
وقال ثابت بن قُرَّة: راحةُ الجسم في قلَّة الطَّعام، وراحةُ الرُّوح في قلَّة الآثام، وراحةُ اللِّسان في قلَّة الكلام (4).
والذُّنوب للقلب بمنزلة السُّموم إن لم تهلكه أضعفته ولا بدَّ، وإذا ضعفت قوَّته لم يقدر على مقاومة الأمراض. قال طبيب القلوب عبد الله بن المبارك (5):