
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وفي «الصَّحيح» (1): أنَّ عمر بن الخطاب خرج إلى الشَّام حتَّى إذا كان بسَرْغَ (2) لقيه أبو عبيدة بن الجرَّاح وأصحابه، فأخبروه أنَّ الوباء قد وقع بالشَّام (3)، فقال لابن عبَّاسٍ: ادعُ لي المهاجرين الأوَّلين. قال: فدعوتهم، فاستشارهم، وأخبرهم أنَّ الوباء قد وقع بالشَّام (4). فاختلفوا، فقال له بعضهم: خرجتَ لأمرٍ، فلا نرى أن ترجع عنه. وقال آخرون: معك بقيَّة النَّاس وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا نرى أن تُقْدِمَهم على هذا الوباء. فقال عمر: ارتفِعوا عنِّي. ثمَّ قال: ادع لي الأنصار. فدعوتُهم له (5)، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفِعوا عنِّي. ثمَّ قال: ادع لي مَن هاهنا من مَشْيَخة قريش من مهاجِرة الفتح. فدعوتُهم له (6)، فلم يختلف عليه منهم رجلان. قالوا: نرى أن ترجع بالنَّاس، ولا تُقْدِمَهم على هذا الوباء. فأذَّن عمر في النَّاس: إنِّي مُصْبِحٌ على ظهرٍ، فأصبِحُوا عليه. فقال أبو عبيدة بن الجرَّاح: يا أمير المؤمنين أفرارًا من قدر الله؟ قال: لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة! نعم، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله. أرأيت لو كان لك إبلٌ، فهبطت