
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل في قدوم وفد غامد قال الواقدي (1): وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد غامد سنة عشر وهم عشرة، فنزلوا بقيعَ الغرقد وهو يومئذٍ أَثْلٌ وطَرْفاء (2)، ثم انطلقوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلَّفوا عند رحلهم أحدَثَهم سِنًّا، فنام عنه وأتى سارق فسرق عيبةً لأحدهم فيها أثواب له، وانتهى القومُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلَّموا عليه وأقرُّوا له بالإسلام، وكتب لهم كتابًا فيه شرائعُ من شرائع الإسلام، وقال لهم: «من خلَّفتم في رحالكم؟» قالوا: أحدثنا يا رسول الله، قال: «فإنه قد نام عن متاعكم حتى أتى آتٍ فأخذ (3) عيبةَ أحدكم»، فقال أحد القوم: يا رسول الله, ما لأحدٍ من القوم عيبةٌ غيري، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فقد أُخِذت ورُدَّت إلى موضعها»، فخرج القوم سراعًا حتى أتوا رحلهم فوجدوا صاحبهم، فسألوه عما خبَّرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: فزعت من نومي ففقدت العيبة، فقمتُ في طلبها فإذا رجل قد كان قاعدًا فلما رآني فثار يعدو مني، فانتهيت إلى حيث انتهى فإذا أَثَرُ حَفْرٍ، وإذا هو قد غيَّب العيبة فاستخرجتها، فقالوا: نشهد أنه رسول الله، فإنه قد أخبرنا بأخذها وأنها قد رُدَّت، فرجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه، وجاء الغلام الذي خلَّفوه فأسلم، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبيَّ بن كعبٍ فعلَّمهم قرآنًا، وأجازهم كما كان يجيز الوفود وانصرفوا.