
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فأهمَّني شأنهما، فأوحي إليَّ في المنام أن: انفُخْهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذَّابيَن يخرجان من بعدي، فهذان هما: أحدهما العَنْسي صاحب صنعاء، والآخر مسيلمة صاحب اليمامة». وهذا أصح من حديث ابن إسحاق المتقدم.
وفي «الصحيحين» (1) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بينا أنا نائم إذ أتيتُ بخزائن الأرض، فوُضِع في يديَّ سِواران من ذهب، فكَبُرا عليَّ وأهماني، فأوحِيَ إليَّ أن: انفخهما، فنفختُهما فذهبا، فأوَّلتُهما الكذابين اللَّذَين أنا بينهما: صاحب صنعاء وصاحب اليمامة».
فصل في فقه هذه القصة فيها: جواز مكاتبة الإمام لأهل الردة إذا كان لهم شوكة، ويَكتب لهم ولإخوانهم من الكفار: سلام على من اتبع الهدى.
ومنها: أن الرسول لا يُقتَل ولو كان مرتدًّا، هذه السنة.
ومنها: أن للإمام أن يأتي بنفسه إلى من قدم يريد لقاءه من الكفار.
ومنها: أن الإمام ينبغي له أن يستعين برجلٍ من أهل العلم يجيب عنه أهلَ الاعتراض والعناد.
ومنها: توكيل العالم لبعض أصحابه أن يتكلَّم عنه ويجيب عنه.
ومنها: أن هذا الحديث من أكبر فضائل الصديق، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفخ السوارين برُوحه (2) فطارا، وكان الصديق هو ذلك الرُّوح الذي نفخ مسيلمة