
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لتُخرِجِنَّ الكتاب أو لنجردَنَّك! فلما رأت الجد منه قالت: أعرِضْ، فأعرض فحلَّت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليهما، فأتيا به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فدعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حاطبًا فقال: «ما هذا يا حاطب؟» فقال: لا تَعجل عليَّ يا رسول الله، والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما ارتددتُ ولا بدَّلت، ولكني كنت امرءًا مُلصَقًا في قريشٍ لست من أنفُسهم، ولي فيهم أهلٌ وعشيرة وولد، وليس لي فيهم قرابة يحمونهم، وكان مَن معك لهم قرابات يحمونهم، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، دعني أضرب عنقه، فإنه قد خان الله ورسوله وقد نافق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم»، فذَرَفت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم (1).
ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم والناس صيام حتى إذا كانوا بالكَدِيد (2) ــ وهو الذي تسميه الناس اليوم: قُدَيدًا (3) ــ أفطر وأفطر الناس معه (4).