
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل وفي هذه الغزاة احتلم أميرُ الجيش عمرو بن العاص، وكانت ليلةً باردةً فخاف على نفسه من الماء فتيمَّم وصلَّى بأصحابه الصبح، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فأخبره بالذي منعه من الاغتسال، وقال: إني سمعت الله يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا (1).
وقد احتج بهذه القصة مَن قال: إن التيمم لا يرفع الحدث؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمَّاه جنبًا بعد تيمُّمِه، وأجاب مَن نازعهم في ذلك بثلاثة أجوبة: أحدها: أن الصحابة لما شَكَوه قالوا: صلى بنا الصبح وهو جنب، فسأله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك وقال: «صليت بأصحابك وأنت جنب؟» استفهامًا واستعلامًا، فلما أخبره بعذره وأنه تيمم للحاجة أقرَّه على ذلك.
الثاني: أن الرواية اختلفت عنه، فروي عنه فيها أنه غسل مغابِنه (2)