
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
واستنصر المسلمون اللهَ واستغاثوه، وأخلصوا له وتضرعوا إليه، فأوحى الله إلى ملائكته: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال: 12]، وأوحى إلى رسوله: {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، قرئ بكسر الدال وفتحها (1)، فقيل: المعنى أنهم رِدْفٌ لكم، وقيل: يُرْدِفُ بعضُهم بعضًا أرسالًا لم يأتوا (2) دفعةً واحدةً.
فإن قيل: هاهنا ذكر أنه أمدَّهم بألفٍ وفي سورة آل عمران قال: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [124 - 125]، فكيف الجمع بينهما؟ قيل: قد اختلف في هذا الإمداد الذي بالثلاثة آلاف وبالخمسة على قولين (3): أحدهما: أنه كان يوم أحدٍ، وكان إمدادًا معلَّقًا على شرط، فلمَّا فات شرطُه فات الإمداد. وهذا قول الضحاك، ومقاتل، وإحدى الروايتين عن عكرمة.