
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل وبلغ الأنصارَ مخرجُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة وقصدُه المدينة، فكانوا يخرجون كلَّ يومٍ إلى الحرَّة ينتظرونه أولَ النهار، فإذا اشتدَّ حرُّ الشمس رجعوا إلى منازلهم، فلما كان يومُ الاثنين ثاني عشر ربيع الأول على رأس ثلاثَ عشرةَ سنةً من نبوَّته خرجوا على عادتهم فلما حَمِي حرُّ الشمس رجعوا، فصعد رجل من اليهود على أُطُمٍ من آطام المدينة لبعض شأنه فرأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مُبيِّضين يزول بهم السراب، فصرخ بأعلى صوته: يا بني قَيْلَةَ! هذا صاحبكم قد جاء، هذا جدُّكم (1) الذي تنتظرونه (2)؛ فثار (3) الأنصار إلى السلاح ليتلقَّوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسُمِعت الوَجْبَة (4) والتكبير في بني عمرو بن عوف، وكبَّر المسلمون فرحًا بقدومه وخرجوا للقائه، فتلقَّوه وحيَّوه بتحية النبوة، وأحدقوا به مُطِيفِين حولَه والسكينةُ تغشاه والوحي ينزل عليه، واللهُ (5) مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير،