
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فلما تمَّت هذه البيعةُ استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يميلوا على أهل العقبة بأسيافهم، فلم يأذن لهم في ذلك. وصرخ الشيطان على العقبة بأبعد صوتٍ سُمع: يا أهل الأخاشب (1)، هل لكم في محمَّد والصُّباة معه قد اجتمعوا على حربكم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا أزبُّ العقبة، أما والله يا عدوَّ الله لأتفرَّغنَّ لك»، ثم أمرهم أن ينفضُّوا إلى رحالهم (2).
فلما أصبح القومُ غدت عليهم جِلَّة قريش وأشرافُهم حتى وصلوا (3) شِعبَ الأنصار فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه بلغنا أنكم لقيتم صاحبنا البارحة وواعدتموه أن تبايعوه على حربنا، وايمُ اللهِ ما حيٌّ من العرب أبغضَ إلينا أن ينشب بيننا وبينه (4) الحرب منكم، فانبعث من كان هناك من الخزرج من المشركين يحلفون لهم بالله: ما كان هذا وما علمنا، وجعل عبد الله بن أُبيٍّ يقول: هذا باطل وما كان هذا، وما كان قومي ليفتاتوا عليَّ بمثل هذا، لو كنتُ بيثرب ما صنع قومي هذا حتى يؤامروني، فرجعت قريش من عندهم.
ورحل البراء بن معرور فتقدم إلى بطن يَأجَجَ (5)، وتلاحق أصحابه من