
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
صالح عليه أكيدرَ من فتح دومة الجندل بين السرية الذين بعثهم مع خالد، وكانوا أربعمائة وعشرين فارسًا، وكانت غنائمهم ألفي بعير وثمانمائة رأس، فأصاب كلُّ رجلٍ منهم خمس فرائض. وهذا بخلاف ما إذا خرجت السريةُ من الجيش في حال الغزو فأصابت ذلك بقوة الجيش، فإن ما أصابوه يكون غنيمةً (1) بعد الخُمْس والنفل (2)، وهذا كان هديه - صلى الله عليه وسلم - فصل ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم»، فهذه المعية هي بقلوبهم وهممهم، لا كما يظنه طائفة من الجهال أنهم معهم بأبدانهم، فهذا محال، لأنهم قالوا له: وهم بالمدينة؟ قال: «وهم بالمدينة حبسهم العذر»، فكانوا معه بأرواحهم وبدار الهجرة بأشباحهم. وهذا من الجهاد بالقلب، وهو أحد مراتبه الأربع وهي: القلب واللسان والمال والبدن، وفي الحديث: «جاهدوا المشركين بألسنتكم وقلوبكم وأموالكم» (3).