
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فإن قيل: فما تقولون لو اختار القصاص ثم اختار بعده العفو إلى الدية، هل له ذلك؟ قلنا: هذا فيه وجهان، أحدهما: أن له ذلك، لأن القصاص أعلى فكان له الانتقال إلى الأدنى. والثاني: ليس له ذلك، لأنه لمَّا اختار القصاص فقد أسقط الدية باختياره له، فليس له أن يعود إليها بعد إسقاطها.
فإن قيل: فكيف تجمعون بين هذا الحديث وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قُتِل عمدًا فهو قَوَد» (1)؟ قيل: لا تعارض بينهما بوجه، فإن هذا يدل على وجوب القود بقتل العمد، وقوله: «فهو بخير النظرين» يدل على تخييره بين استيفاء هذا الواجب له وبين أخذ بدله وهو الدية، فأيُّ تعارض؟ وهذا الحديث نظير قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178]، وهذا لا ينفي تخيير المستحِقِّ له بين ما كتب له وبين بدله. والله أعلم.
فصل وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة: «إلا الإذخر» (2) بعد قول العباس له: «إلا الإذخر» يدل على مسألتين: