زاد المعاد في هدي خير العباد ج3

زاد المعاد في هدي خير العباد ج3

12678 3

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 881

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الذل والانكسار؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123]، وقال: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ} [التوبة: 25]، فهو سبحانه إذا أراد أن يُعِزَّ عبدَه ويجبرَه وينصرَه، كسَرَه أولًا، ويكون جَبْرُه له ونصرُه على مِقدار ذُلِّه وانكساره.
ومنها: أنه سبحانه هيَّأ لعباده المؤمنين منازلَ في دار كرامته لم تبلغها أعمالُهم، ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمِحنة، فقيَّضَ لهم الأسبابَ التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه، كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.
ومنها: أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانًا وركونًا إلى العاجلة، وذلك مرض يَعُوقها عن جدِّها في سيرها إلى الله والدار الآخرة، فإذا أراد بها ربُّها ومالكها وراحمها كرامته قيَّض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواءً لذلك المرض العائق عن السَّير الحثيث إليه، فيكون ذلك البلاء والمِحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليلَ الدواءَ الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه، ولو تركه لغلبته الأدواءُ حتى يكون فيها هلاكه.
ومنها: أن الشهادة عنده من أعلى مراتب أوليائه، والشهداءُ هم خواصُّه والمقرَّبُون من عباده، وليس بعد درجة الصدِّيقيَّةِ إلا الشهادة، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من أوليائه (1) شهداءَ تُراق دماؤهم في محبته ومرضاته ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسليط العدو.

الصفحة

256/ 881

مرحباً بك !
مرحبا بك !