
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
رسول الله، إن بنيَّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، ووالله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بِعَرْجتي هذه في الجنة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمَّا أنت فقد وضع الله عنك الجهاد»، وقال لبنيه: «وما عليكم أن تدعوه لعل الله عز وجل يرزقه (1) الشهادة» فخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقُتِل يوم أحد شهيدًا (2).
وانتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقَوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: قُتِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فما تصنعون بالحياة بعدَه؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قُتِل (3).
وأقبل أُبيُّ بن خلفٍ عدوُّ الله وهو مُقنَّع في الحديد يقول: لا نجوتُ إن نجا محمد، وكان حلف بمكة أن يقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستقبله مصعبُ بن عميرٍ فقُتِل مصعب، وأبصر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تَرقُوةَ أُبيِّ بن خلفٍ من فُرجةٍ بين سابغة الدرع والبيضة فطعنه بحربته فوقع عن فرسه، فاحتمله أصحابه وهو يَخُور خُوارَ الثور، فقالوا: ما أجزعك؟ إنما هو خدش، فذكر لهم قولَ النبي