
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الصَّوم الواجب، والصَّوم الواجب لم يَزُل، وإنَّما زال تعيينُه فنُقِل من محلٍّ إلى محلٍّ، والإجزاء بنيَّةٍ من النَّهار وعدمه من توابع أصل الصَّوم لا تعيينه.
وأصحُّ من طريقة من يقول: إنَّ صوم يوم عاشوراء لم يكن واجبًا قطُّ؛ لأنَّه قد ثبت الأمر به، وتأكيد الأمر بالنِّداء العامِّ، وزيادة تأكيده بالأمر لمن كان أكل بالإمساك، وكلُّ هذا ظاهرٌ قويٌّ في الوجوب، ويقول ابن مسعودٍ: إنَّه لمَّا فُرِض رمضان تُرِك عاشوراء. ومعلومٌ أنَّ استحبابه لم يُترك بالأدلَّة الَّتي تقدَّمت وغيرها، فتعيَّن (1) أن يكون المتروك وجوبه.
فهذه خمس (2) طرقٍ للنَّاس في ذلك. والله الموفق للصواب.
فصل وأمَّا الإشكال الرابع، وهو أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومنَّ التَّاسع»، وأنَّه توفِّي قبل العام المقبل، وقول ابن عبَّاسٍ: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم التَّاسع (3) فابن عبَّاسٍ روى هذا وهذا، وصحَّ عنه هذا وهذا، ولا تَنافيَ بينهما، إذ من الممكن أن يصوم التَّاسع ويخبر أنَّه إن بقي إلى (4) العام القابل صامه، أو يكون ابن عبَّاسٍ أخبر عن فعله مستندًا إلى ما عزم عليه ووعد به، ويصحُّ الإخبار عن ذلك مقيَّدًا، أي: كذلك كان يفعل لو بقي، ومطلقًا إذا علم الحال. وعلى كلِّ واحدٍ من الاحتمالين فلا تَنافيَ بين الخبرين.