
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
القول الثَّالث: جواز الجمع بينهما، وهو المنقول عن مالك (1). واحتجَّ أصحاب هذا القول بما رواه أبو داود والترمذيُّ (2) من حديث محمَّد بن الحنفيَّة عن علي قال: قلت: يا رسول الله، إن وُلِدَ لي من بعدك ولدٌ أُسمِّيه باسمك وأكنِّيه بكنيتك؟ قال: «نعم». قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وفي «سنن أبي داود» (3) عن عائشة قالت: جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إنِّي قد ولدتُ غلامًا فسمَّيتُه محمَّدًا وكنَّيته أبا القاسم، فذُكِر لي أنَّك تكره ذلك، فقال: «ما الذي أحلَّ اسْمي وحرَّم كنيتي؟» أو «ما الذي حَرَّم كُنيتي وأحلَّ اسْمي؟» قال هؤلاء: وأحاديث المنع منسوخةٌ بهذين الحديثين.
القول الرَّابع: إنَّ التكنِّي بأبي القاسم كان ممنوعًا في حياة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو جائزٌ بعد وفاته. قالوا: وسبب النَّهي إنَّما كان مختصًّا بحياته، فإنَّه قد ثبت في «الصَّحيح» (4) من حديث أنس قال: نادى رجلٌ بالبقيع: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول اللَّه، إنِّي لم أَعْنِكَ، إنَّما دعوتُ فلانًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَسَمَّوا باسْمي ولا تَكَنَّوا بكنيتي». قالوا: وحديث