
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأيضًا فإنَّ الاحتياط ممتنعٌ هنا، فإنَّ للنَّاس في الفسخ ثلاثة أقوالٍ: أحدها: أنَّه محرَّم.
الثَّاني: أنَّه واجب، وهو قول جماعةٍ من السَّلف والخلف.
الثَّالث: أنَّه مستحب.
فليس الاحتياط بالخروج من خلافِ مَن حرَّمه أولى بالاحتياط من الخروج من خلافِ مَن أوجبه، وإذا تعذَّر الاحتياط بالخروج من الخلاف تعيَّن الاحتياط بالخروج من خلاف السنَّة.
فصل وأمَّا الطَّريقة الثَّانية فأظهرُ بطلانًا من وجوهٍ عديدةٍ (1).
أحدها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر قبل ذلك عُمَرَه الثَّلاث في أشهر الحجِّ في ذي القعدة، كما تقدَّم ذلك، وهو أوسط أشهر الحجِّ. فكيف يُظنُّ أنَّ الصَّحابة لم يعلموا جواز الاعتمار في أشهر الحجِّ إلا بعد أمرهم بفسخ الحجِّ إلى العمرة، وقد تقدَّم فعلُه لذلك ثلاث مرَّاتٍ؟ الثَّاني: أنَّه قد ثبت في «الصَّحيحين» (2) أنَّه قال لهم عند الميقات: «من شاء أن يُهلَّ بعمرةٍ فليفعلْ، ومن شاء أن يُهلَّ بحجَّةٍ فليفعلْ، ومن شاء أن يُهلَّ بحجٍّ وعمرةٍ فليفعلْ»، فبيَّن لهم جواز الاعتمار في أشهر الحجِّ عند الميقات، وعامَّة المسلمين معه، فكيف لم يعلموا جوازها (3) إلا بالفسخ؟