زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
في السَّماء علَّةٌ أصبح مفطرًا. وكذلك نقل عنه ابناه صالح وعبد الله، والمرُّوذي (1)، والفضل بن زياد، وغيرهم (2).
فالجواب (3) من وجوهٍ: أحدها: أن يقال: ليس فيما ذكرتم عن الصَّحابة أثرٌ صريحٌ (4) في وجوب صومه حتَّى يكون فعلهم مخالفًا لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5)، وإنَّما غاية المنقول عنهم صومه احتياطًا، وقد صرَّح أنس بأنَّه إنَّما صامه كراهةً للخلاف على الأمراء، ولهذا قال أحمد في روايةٍ: النَّاس تبعٌ للإمام في صومه وإفطاره (6). والنُّصوص الَّتي حكيناها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فعله وقوله آنفًا (7) تدلُّ على أنَّه لا يجب صوم يوم الإغمام، ولا تدلُّ على تحريمه، فمن أفطره فقد أخذ بالجواز، ومن صامه أخذ بالاحتياط.
الثَّاني: أنَّ الصَّحابة قد كان بعضهم يصومه كما حكيتم، وكان بعضهم لا يصومه، وأصحُّ وأصرح من رُوي عنه صومه عبد الله بن عمر، قال ابن عبد البرِّ (8): وإلى قوله ذهب طاوس اليماني (9) وأحمد بن حنبلٍ، وروي مثل